أهمية دراسة السيرة النبوية الشريفة
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أهمية دراسة السيرة النبوية الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه الكريم وعلى آله وصحبه الأخيار الطَّاهرين، وبعد:
فإنَّ من سديد القول وجميل الحكم قولهم : إنَّ الأمَّة التي لا تحفظ تاريخها لا تستطيع أن تحفظ حاضرها ومستقبلها ، ذلك لأنَّ حفظ التاريخ هو حفظ جذور الأمَّة وأصولها ومآثر رجالها وسابق أيَّامها ، فالتاريخ يُعَدُّ ذاكرة الأمم والشعوب ، لذلك حرصت أمم الأرض قاطبة على تدوين ماضيها ورسم أمجادها الاحتفاء بتاريخها ، ولو كان مليئا بالجور والظلم والجهل والأحداث المؤلمة ، لأنَّ المهم في ذلك أن يُدرس ويُعرف فيُستخرج من الدروس والعبر ، ويكون نبراسًا به للتعامل مع الأحداث في الحاضر والمستقبل ، كما تحرص كل أمَّة من الأمم اليوم على تربية النشء على حفظ تاريخ أمّته وترسيخ معرفته ، ليكبر الجيل على حبِّ أسلافه والافتخار بأصوله والاعتزاز بماضيه .
ولاغرو أن يعتني أهل الإسلام بتاريخهم ويهتمُّوا بحفظه في صيانته، ونقله للأجيال المتلاحقة، وما ذاك إلاَّ لأنَّ درَّة تاريخ هذه الأمة وتاجه وفاتحته هو سيرة نبيِّها صلى الله عليه وسلم.
وعليه ، اعتنى العلماء بالسِّيرة النَّبوية العطرة منذ فجر الإسلام وبدأوا تدوينها في القرن الأوَّل ، وتتابعوا على التَّأليف فيها في كتب مفردة شاملة مصنَّفات تحوى موضوع السيرة والمغازي وغيرها (1)
لذتا قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الفنُّ مما ينبغي الاعتناء به، والاعتبار بأمره والتهيُّؤ له (2)
بل درج السَّلف رضي الله عنهم على حث أبنائهم على تعلُّم السير النَّبوية والغزوات ، وعلَّموهم إيَّاها في الصغر قبل الكبر ، قال علي بن الحسين زين العابدين : كنَّا نُعَلَّمُ مغازيَ النَّبي صلى الله عليه وسلم كما نُعَلَّم السُّورة منَ القرآنِ (3)
وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص : كانَ أبي يُعلِّمُنا مَغازيَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ويَعُدَّها عَلينا ، وسَرَاياهُ ، ويقولُ : هَذه مَآثِر آبائكُم فلا تضيِّعوا ذِكْرَها (4)
وهذا لإدراكهم أهمية هذا العلم وحاجة الناس إليه، وضرورة رسوخه في الأذهان، ونحن اليوم أيضًا في أشدِّ الحاجة إلى هذا العلم لنبيِّن للعالم أجمع جمال وصفاء ديننا الحنيف وسيرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي تجرَّأ على الطعن فيه وسبِّه والتشكيك في نبوَّته كثيرٌ من أوباش الكفَّار في مواطن من أصقاع الأرض ، فكان لزاما على المسلم الحريص على خير نفسه وغيره أن يلمَّ بسيرة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، ويتعلَّم ما يجب أن يتعلمه منها ، ليكون على بيِّنة من أمره ، وليعرف بذلك قدْرَ نبيِّه الذي أوجب الله عليه حبَّه واتباعه وطاعتَه ،وسجَّ جميع الطرق إلى الجنَّة إلاَّ طريقَه ، خاصةً وأنَّ الله تعالى سيمتحنه به ، ويسألُه في أوَّل نزوله القبرَ ، فيقول له الملكان : ما هذا الرَّجلُ الذي بُعِث فيكم ؟(5)، فعلينا أن نُعدَّ للأمر عُدَّته وللسُّؤال جوابه .
فالسيرة النَّبوية العطرة لا تُقرأ للتسلية والترويح عن النفس ، ولا في المناسبات والأعياد والموالد للتباهي والتبرُّك والاكتفاء بذلك ، وإنَّما تقرأ السيرة لأخذ العبر واستخراج الدُّرر، واستنباط الفوائد والنكت ، ونَصبها نبراسا يستضيء بنورها كلُّ مؤمن في هذه الحياة ، يجد بها طريق الهدية .
وإليك أخي القارئ في هذا المقام بعض ما يجتنبه دارس السيرة النبوية من فوائد:
1- تحقِّق له معرفةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم معرفةً تفصيليَّةً ، فيعرف مولدَه ونسبَه وأسماءَه ونشأته ووفاته وسيقف على أحواله وأوصافِه وشمائِله وخصائصه ودلائل نبوتِه ومعجزاته وسياستِه وتدبيِره ، وجميع غزواتِه وسراياه ، ولابدَّ أن تورِّثَ هذه المعرفة في النُّفوس حبَّه صلى الله عليه وسلم وإجلالَه وتوقيرَه وتعظيمَه ، ثمَّ إنَّ هذه المحبَّة ستدفع بالعبد إلى متابعته في هديه والإقتداء به في سيرته ، وهذه المحبة وهذا الإقتداء والمتابعة هو أجلُّ ما يجتنى من دراسة سيرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، لأنَّ فيه تحقيقَ الإيمان الذي يوجبُ تقديمَ حبِّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على جميع المحبوبات ، وتحقيقَ مقصودِ الرسالة النَّبوية بالإقتداء والاتساء به صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ في ِ رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لـِمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ والْيَومَ الآَخِرَ﴾ [الأحزاب : 21]
وبذلك يسعدُ العبد في الدنيا والآخرة ، قال ابن القيِّم في زاد المعاد (1/69)
وإذا كانت سعادةُ العبدِ في الدَّارين مُعلَّقةً بهدْي النَّبي صلى الله عليه وسلم ، فيجب على كلِّ من نَصح نفسَهُ ، وأحبَّ نجاتَها وسعادتَها ، أن يعرفَ من هَديِه وسِيرتِه وشأنِه مَا يَخْرُجُ به عن الجاهلين بهِ ، ويدخلُ به في عِداد أتباعه وشِيعته وحِزبه ، والنَّاس في هذا بين مُستقِلٍّ ، ومستكثِر ، ومحرومٍ والفضلُ بيد الله يُؤتيه من يشاء ، والله ذو الفَضل العَظيم .
2- تزيد في قوَّة الإيمان واليقين والثَّبات على الدِّين ، فإذا طالع المرء ما قاساه النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لقومه وما عانى من عنادهم واستهتارهم وتسفيههم له ومحاولة التخلص منه وإخماد دعوته ما تمكنوا منه من وسائل ، وما أصاب الصَّحابة الأوائل الذين اتبعوه في ساعة العسرة من شدَّة المناوءة والمعارضة ، ومن التعذيب والاضطهاد وأصناف الأذى والظلم ، وأنواع الشَّتم والسِّباب من القريب والبعيد ، ثمَّ لم يزدهم هذا كلُّه إلاَّ تمسُّكا بدينهم وثباتا على عقيدتهم ، سيجد بذلك المطالع لأحداث السيرة قوة إيمان ، وزيادة يقين من أنَّ الإسلام حقٌّ ، وأنَّ رسولَه صلى الله عليه وسلم حقٌّ، وأنَّ الصحابة رضي الله عنهم هم أشرف هذه الأمة .
قال ابن حزم في كتابه الفِصل في الملل والنحل (2/73): فإنَّ سيرةَ محمَّد صلى الله عليه وسلم لمن تدبَّرها تقتَضي تَصديقَه ضَرورةً، وتَشهَدُ له بأنَّه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حقًّا ، فلَو لم تكنْ لَه مُعجزةً غيرَ سيرته صلى الله عليه وسلم لكَفَى
3 – تبعث في النفس المؤمن الدارس لها زيادة اعتزاز بدين الإسلام وقوة حجة لأنَّك إذا وقفت على شمائل هذا النَّبي الكريم صلى الله عليه وسلم الحميدة وأوصافه الجميلة من شجاعة ورباطة جأش، وكرم وجود، ورفق في مواطن اللِّين والرفق ، وشدَّة في مواطن الشدَّة والحزم ، وحسن سياسة وتدبير ، وقوَّة في الصدع بالحقِّ والدعوة إليه ، والحرص الشديد على هداية الخلق ، ومعاملة جميع أصناف الناس – مؤمنِهم وكافِرهم ، وصغيرِهم وكبيرِهم ، وذكرِهم وأنثاهم،
وعبِدهم وحُرِّهم ، وشَريفِهم ووضيِعهم، ومُسالِهم ومحاربِهم – كلٌّ بما يليق به من غير إفراط ولا تفريط ، فلت تجد منه صلى الله عليه وسلم إلاَّ العدلَ والرحمة والإحسان في كلِّ أحواله وأوقاته في الحرب والسلم ، في الأمن والخوف ، في الرخاء والشدة .
فيدرك دراسُ السِّيرة ، أنَّه أمامَ أَعظَم رجل عرفه البشر على الإطلاق ، إذ لم يبلغ مرتبته أحد من الناس فهو سيِّد ولد آدم عليه السَّلام ، وعَلم بذلك أيضا أنَّ الإسلام جاء بالحكمة ، والرحمة والسلام والوئام ، وأنَّه جاء بكل خير وإصلاح ، محذِّرًا من كلِّ شرٍّ وإفساد .
4- تنيرُ دربَ السَّالك لسبيل الدَّعوة إلى الله ، لأنَّها التَّطبيق العمليُّ للإسلام ، وهنا مربَطُ الفَرَس كما يقال ، حيثُ إنَّ هذا الجانب من السيرة تناوله الدارسون للسِّيرة بخلفيات عَلِقت بأذهانهم ومناهج ترسَّخت في عقولهم ، فالحرَكيُّ لا يرى السيرة إلاَّ أسلوبا من أساليب السياسة ، والثوريُّ لا يرى فيها إلا الغزوات والقتال وهكذا ... ولو صفت أذهان هؤلاء وتجرَّدت عقولهم من الأحكام المُسبَقة ، وصدقت قلوبهم في طلب الحقِّ لوجدوا أنَّ السيرة النبويَّة تمثِّلُ التَّطبيقَ العمَليَّ للإسلام بجميع جوانبه ، وأنَّها الأسلوبُ الأمثلُ والأكملُ في الدَّعوة إلى الله وإصلاح المجتمعات ، إذ سيجدُ الدَّاعيةُ بغيتَه بتأمُّل أحوال وأطوار هذه السيرة العطرة ، ففي حال الضَّعفِ مثلاً والعيشِ تحت وطأة الكفَّار وسيطرتهم فمأخذُه العهدَ المكيَّ ، وفي حال الظُّهور والتَّمكين فلينظر إلى العَهدِ المدنيِّ ، لكن لا يكون ذلك على إطلاقه ، ولا بمعزَلٍ عن فُهوم العلماء الكبار ، وتوجيههم لتلك الأخبار والآثار ، وتصويبهم لهذه المدارك والأنظار .
والذي يجدر التنبيه إليه في هذا المقام أنَّ المتأمِّل في السيرة سيجد أنَّ قطب رحى الأمر كله هو الدَّعوة إلى توحيد الله عزَّوجل والنَّهي عن ضده، إذ لم يَغفل عنه النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله في ضعفه وقوته في سلمه وجرحه ، في خوفه وأمنه ، في ظعنه وإقامته، فكذلك ينبغي على الداعية أن لا يشرد ذهنه عن التوحيد أبدًا ، وأن يجعله أوَّل دعوتِه وآخرَهَا .
5- تُعينُ على فَهم كتاب الله تعالى ، إذ أنَّ فيها تفسيرًا وبيانًا من أى القرآن الكريم ، وتوضيح معانيها بتفصيل ، كالآيات التي تحدَّثت عن الغزوات في سورة آل عمران ، والتوبة الأحزاب والفتح والحسر ...، فمعظم سورة الأنفال يتحدث عن غزوة بدر ، وغالب سورة التوبة يتحدث غزوة تبوك ، وسورة الحشر فيها الحديث عن جلاء يهود بني النضير ، وفي سورة آل عمران آيات كثيرة عن غزوة أحد ، كما أنَّ في السيرة النبويَّة بيانا لكثيرٍ من أسبابِ النزولِ .
وبهذا يظهر صدق كلام الخطيب البغدادي حين قال : تتعلَّقُ بمغازي رسُول الله صلى الله عليه وسلم أحكامٌ كثيرةٌ ، فيَجِبُ كَتْبُها والحِفْظُ لها (6)
نعم، يجب كتابةُ السِّيرة النبويَّة وحفظها والاهتمام بها ودراستُها بعنايةٍ فائقةٍ ، لكن وَفقَ منهج علميٍّ رَصينٍ كما يقرِّره علماء الحديث والسنة المعتبرين ، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل .
الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه الكريم وعلى آله وصحبه الأخيار الطَّاهرين، وبعد:
فإنَّ من سديد القول وجميل الحكم قولهم : إنَّ الأمَّة التي لا تحفظ تاريخها لا تستطيع أن تحفظ حاضرها ومستقبلها ، ذلك لأنَّ حفظ التاريخ هو حفظ جذور الأمَّة وأصولها ومآثر رجالها وسابق أيَّامها ، فالتاريخ يُعَدُّ ذاكرة الأمم والشعوب ، لذلك حرصت أمم الأرض قاطبة على تدوين ماضيها ورسم أمجادها الاحتفاء بتاريخها ، ولو كان مليئا بالجور والظلم والجهل والأحداث المؤلمة ، لأنَّ المهم في ذلك أن يُدرس ويُعرف فيُستخرج من الدروس والعبر ، ويكون نبراسًا به للتعامل مع الأحداث في الحاضر والمستقبل ، كما تحرص كل أمَّة من الأمم اليوم على تربية النشء على حفظ تاريخ أمّته وترسيخ معرفته ، ليكبر الجيل على حبِّ أسلافه والافتخار بأصوله والاعتزاز بماضيه .
ولاغرو أن يعتني أهل الإسلام بتاريخهم ويهتمُّوا بحفظه في صيانته، ونقله للأجيال المتلاحقة، وما ذاك إلاَّ لأنَّ درَّة تاريخ هذه الأمة وتاجه وفاتحته هو سيرة نبيِّها صلى الله عليه وسلم.
وعليه ، اعتنى العلماء بالسِّيرة النَّبوية العطرة منذ فجر الإسلام وبدأوا تدوينها في القرن الأوَّل ، وتتابعوا على التَّأليف فيها في كتب مفردة شاملة مصنَّفات تحوى موضوع السيرة والمغازي وغيرها (1)
لذتا قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الفنُّ مما ينبغي الاعتناء به، والاعتبار بأمره والتهيُّؤ له (2)
بل درج السَّلف رضي الله عنهم على حث أبنائهم على تعلُّم السير النَّبوية والغزوات ، وعلَّموهم إيَّاها في الصغر قبل الكبر ، قال علي بن الحسين زين العابدين : كنَّا نُعَلَّمُ مغازيَ النَّبي صلى الله عليه وسلم كما نُعَلَّم السُّورة منَ القرآنِ (3)
وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص : كانَ أبي يُعلِّمُنا مَغازيَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ويَعُدَّها عَلينا ، وسَرَاياهُ ، ويقولُ : هَذه مَآثِر آبائكُم فلا تضيِّعوا ذِكْرَها (4)
وهذا لإدراكهم أهمية هذا العلم وحاجة الناس إليه، وضرورة رسوخه في الأذهان، ونحن اليوم أيضًا في أشدِّ الحاجة إلى هذا العلم لنبيِّن للعالم أجمع جمال وصفاء ديننا الحنيف وسيرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي تجرَّأ على الطعن فيه وسبِّه والتشكيك في نبوَّته كثيرٌ من أوباش الكفَّار في مواطن من أصقاع الأرض ، فكان لزاما على المسلم الحريص على خير نفسه وغيره أن يلمَّ بسيرة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، ويتعلَّم ما يجب أن يتعلمه منها ، ليكون على بيِّنة من أمره ، وليعرف بذلك قدْرَ نبيِّه الذي أوجب الله عليه حبَّه واتباعه وطاعتَه ،وسجَّ جميع الطرق إلى الجنَّة إلاَّ طريقَه ، خاصةً وأنَّ الله تعالى سيمتحنه به ، ويسألُه في أوَّل نزوله القبرَ ، فيقول له الملكان : ما هذا الرَّجلُ الذي بُعِث فيكم ؟(5)، فعلينا أن نُعدَّ للأمر عُدَّته وللسُّؤال جوابه .
فالسيرة النَّبوية العطرة لا تُقرأ للتسلية والترويح عن النفس ، ولا في المناسبات والأعياد والموالد للتباهي والتبرُّك والاكتفاء بذلك ، وإنَّما تقرأ السيرة لأخذ العبر واستخراج الدُّرر، واستنباط الفوائد والنكت ، ونَصبها نبراسا يستضيء بنورها كلُّ مؤمن في هذه الحياة ، يجد بها طريق الهدية .
وإليك أخي القارئ في هذا المقام بعض ما يجتنبه دارس السيرة النبوية من فوائد:
1- تحقِّق له معرفةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم معرفةً تفصيليَّةً ، فيعرف مولدَه ونسبَه وأسماءَه ونشأته ووفاته وسيقف على أحواله وأوصافِه وشمائِله وخصائصه ودلائل نبوتِه ومعجزاته وسياستِه وتدبيِره ، وجميع غزواتِه وسراياه ، ولابدَّ أن تورِّثَ هذه المعرفة في النُّفوس حبَّه صلى الله عليه وسلم وإجلالَه وتوقيرَه وتعظيمَه ، ثمَّ إنَّ هذه المحبَّة ستدفع بالعبد إلى متابعته في هديه والإقتداء به في سيرته ، وهذه المحبة وهذا الإقتداء والمتابعة هو أجلُّ ما يجتنى من دراسة سيرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، لأنَّ فيه تحقيقَ الإيمان الذي يوجبُ تقديمَ حبِّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على جميع المحبوبات ، وتحقيقَ مقصودِ الرسالة النَّبوية بالإقتداء والاتساء به صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ في ِ رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لـِمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ والْيَومَ الآَخِرَ﴾ [الأحزاب : 21]
وبذلك يسعدُ العبد في الدنيا والآخرة ، قال ابن القيِّم في زاد المعاد (1/69)
وإذا كانت سعادةُ العبدِ في الدَّارين مُعلَّقةً بهدْي النَّبي صلى الله عليه وسلم ، فيجب على كلِّ من نَصح نفسَهُ ، وأحبَّ نجاتَها وسعادتَها ، أن يعرفَ من هَديِه وسِيرتِه وشأنِه مَا يَخْرُجُ به عن الجاهلين بهِ ، ويدخلُ به في عِداد أتباعه وشِيعته وحِزبه ، والنَّاس في هذا بين مُستقِلٍّ ، ومستكثِر ، ومحرومٍ والفضلُ بيد الله يُؤتيه من يشاء ، والله ذو الفَضل العَظيم .
2- تزيد في قوَّة الإيمان واليقين والثَّبات على الدِّين ، فإذا طالع المرء ما قاساه النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لقومه وما عانى من عنادهم واستهتارهم وتسفيههم له ومحاولة التخلص منه وإخماد دعوته ما تمكنوا منه من وسائل ، وما أصاب الصَّحابة الأوائل الذين اتبعوه في ساعة العسرة من شدَّة المناوءة والمعارضة ، ومن التعذيب والاضطهاد وأصناف الأذى والظلم ، وأنواع الشَّتم والسِّباب من القريب والبعيد ، ثمَّ لم يزدهم هذا كلُّه إلاَّ تمسُّكا بدينهم وثباتا على عقيدتهم ، سيجد بذلك المطالع لأحداث السيرة قوة إيمان ، وزيادة يقين من أنَّ الإسلام حقٌّ ، وأنَّ رسولَه صلى الله عليه وسلم حقٌّ، وأنَّ الصحابة رضي الله عنهم هم أشرف هذه الأمة .
قال ابن حزم في كتابه الفِصل في الملل والنحل (2/73): فإنَّ سيرةَ محمَّد صلى الله عليه وسلم لمن تدبَّرها تقتَضي تَصديقَه ضَرورةً، وتَشهَدُ له بأنَّه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حقًّا ، فلَو لم تكنْ لَه مُعجزةً غيرَ سيرته صلى الله عليه وسلم لكَفَى
3 – تبعث في النفس المؤمن الدارس لها زيادة اعتزاز بدين الإسلام وقوة حجة لأنَّك إذا وقفت على شمائل هذا النَّبي الكريم صلى الله عليه وسلم الحميدة وأوصافه الجميلة من شجاعة ورباطة جأش، وكرم وجود، ورفق في مواطن اللِّين والرفق ، وشدَّة في مواطن الشدَّة والحزم ، وحسن سياسة وتدبير ، وقوَّة في الصدع بالحقِّ والدعوة إليه ، والحرص الشديد على هداية الخلق ، ومعاملة جميع أصناف الناس – مؤمنِهم وكافِرهم ، وصغيرِهم وكبيرِهم ، وذكرِهم وأنثاهم،
وعبِدهم وحُرِّهم ، وشَريفِهم ووضيِعهم، ومُسالِهم ومحاربِهم – كلٌّ بما يليق به من غير إفراط ولا تفريط ، فلت تجد منه صلى الله عليه وسلم إلاَّ العدلَ والرحمة والإحسان في كلِّ أحواله وأوقاته في الحرب والسلم ، في الأمن والخوف ، في الرخاء والشدة .
فيدرك دراسُ السِّيرة ، أنَّه أمامَ أَعظَم رجل عرفه البشر على الإطلاق ، إذ لم يبلغ مرتبته أحد من الناس فهو سيِّد ولد آدم عليه السَّلام ، وعَلم بذلك أيضا أنَّ الإسلام جاء بالحكمة ، والرحمة والسلام والوئام ، وأنَّه جاء بكل خير وإصلاح ، محذِّرًا من كلِّ شرٍّ وإفساد .
4- تنيرُ دربَ السَّالك لسبيل الدَّعوة إلى الله ، لأنَّها التَّطبيق العمليُّ للإسلام ، وهنا مربَطُ الفَرَس كما يقال ، حيثُ إنَّ هذا الجانب من السيرة تناوله الدارسون للسِّيرة بخلفيات عَلِقت بأذهانهم ومناهج ترسَّخت في عقولهم ، فالحرَكيُّ لا يرى السيرة إلاَّ أسلوبا من أساليب السياسة ، والثوريُّ لا يرى فيها إلا الغزوات والقتال وهكذا ... ولو صفت أذهان هؤلاء وتجرَّدت عقولهم من الأحكام المُسبَقة ، وصدقت قلوبهم في طلب الحقِّ لوجدوا أنَّ السيرة النبويَّة تمثِّلُ التَّطبيقَ العمَليَّ للإسلام بجميع جوانبه ، وأنَّها الأسلوبُ الأمثلُ والأكملُ في الدَّعوة إلى الله وإصلاح المجتمعات ، إذ سيجدُ الدَّاعيةُ بغيتَه بتأمُّل أحوال وأطوار هذه السيرة العطرة ، ففي حال الضَّعفِ مثلاً والعيشِ تحت وطأة الكفَّار وسيطرتهم فمأخذُه العهدَ المكيَّ ، وفي حال الظُّهور والتَّمكين فلينظر إلى العَهدِ المدنيِّ ، لكن لا يكون ذلك على إطلاقه ، ولا بمعزَلٍ عن فُهوم العلماء الكبار ، وتوجيههم لتلك الأخبار والآثار ، وتصويبهم لهذه المدارك والأنظار .
والذي يجدر التنبيه إليه في هذا المقام أنَّ المتأمِّل في السيرة سيجد أنَّ قطب رحى الأمر كله هو الدَّعوة إلى توحيد الله عزَّوجل والنَّهي عن ضده، إذ لم يَغفل عنه النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله في ضعفه وقوته في سلمه وجرحه ، في خوفه وأمنه ، في ظعنه وإقامته، فكذلك ينبغي على الداعية أن لا يشرد ذهنه عن التوحيد أبدًا ، وأن يجعله أوَّل دعوتِه وآخرَهَا .
5- تُعينُ على فَهم كتاب الله تعالى ، إذ أنَّ فيها تفسيرًا وبيانًا من أى القرآن الكريم ، وتوضيح معانيها بتفصيل ، كالآيات التي تحدَّثت عن الغزوات في سورة آل عمران ، والتوبة الأحزاب والفتح والحسر ...، فمعظم سورة الأنفال يتحدث عن غزوة بدر ، وغالب سورة التوبة يتحدث غزوة تبوك ، وسورة الحشر فيها الحديث عن جلاء يهود بني النضير ، وفي سورة آل عمران آيات كثيرة عن غزوة أحد ، كما أنَّ في السيرة النبويَّة بيانا لكثيرٍ من أسبابِ النزولِ .
وبهذا يظهر صدق كلام الخطيب البغدادي حين قال : تتعلَّقُ بمغازي رسُول الله صلى الله عليه وسلم أحكامٌ كثيرةٌ ، فيَجِبُ كَتْبُها والحِفْظُ لها (6)
نعم، يجب كتابةُ السِّيرة النبويَّة وحفظها والاهتمام بها ودراستُها بعنايةٍ فائقةٍ ، لكن وَفقَ منهج علميٍّ رَصينٍ كما يقرِّره علماء الحديث والسنة المعتبرين ، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل .
الأمل- طالب جديد
- عدد المشاركات : 28
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 10/10/2009
رد: أهمية دراسة السيرة النبوية الشريفة
أن المحب لمن يحب مطيع 000000000000
نحن نحب النبي الكريم محمد ابن عبد الله هذا النبي الذي وصفه الله : وإنك لعلى خلق عظيم
والمرء مع من يحب يوم القيامة
والمرء عندما يحب شخص يهتدي بهديه ويمشي على خطاه
فكيف إذا امرنا الله أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم
000000000000000000000
00000000000
00000000
موضـــــــــــــــــــــــــــــــــــوع جــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
جمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــل
وجزا الله كاتبه كل خير 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000 0
نحن نحب النبي الكريم محمد ابن عبد الله هذا النبي الذي وصفه الله : وإنك لعلى خلق عظيم
والمرء مع من يحب يوم القيامة
والمرء عندما يحب شخص يهتدي بهديه ويمشي على خطاه
فكيف إذا امرنا الله أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم
000000000000000000000
00000000000
00000000
موضـــــــــــــــــــــــــــــــــــوع جــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
جمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــل
وجزا الله كاتبه كل خير 0000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000 0
محمد علي- طالب جديد
- عدد المشاركات : 12
العمر : 37
الموقع : chelsea
تاريخ التسجيل : 12/09/2009
رد: أهمية دراسة السيرة النبوية الشريفة
طرح حساس وجميل
الا يستحق من سيشفع لنا يوم القيامة ان ندرس سيرته الجميلة!!اكيد يستحق ولكني اعجب من جيل هذا اليوم
موضوعكي الجميل ذكرني بقصة بسببها الف فضيلة الشيخ محمد العريفي كتاب اسماه:اولم يعرفوا رسولهم
في مقدمة الكتاب يذكر سبب التاليف والسبب هو كالاتي:
يقول الشيخ كانت لدي محاضرة القيها على طلاب احدى كليات الرياض
كليات يعني شباب مو اطفال والمهم يقول الشيخ وعنوان المحاضرة هو السيرة النبوية الشريفة فاحببت ان ابدا بسؤال
والسؤال هو عدد اربع من زوجات الرسول صلى اله عليه وسلم
فقال الطالب الاول خديجة
وقال الثاني عائشة وبعدها سكت الجميع لفترة من الزمن ثم قال احدهم:فاطمة
فذرفت عين الشيخ عندما سمع ذلك وقال فاطمة بنت الرسول وليست زوجته
فقال سالت الشباب عدد خمس لاعبين من فريق البرازيل فعدوا لي 15 لاعب فقلت لهم الفريق يحوي 11 لاعب فمن اين اتى ال15
فاجابوا الاحتياط ايضا وكانوا يستهزؤون بالشيخ عندما يردد خلفهم اسماء اللاعبين
فلا حول ولا قوة الا بالله
الا يستحق هذا الانسان العظيم ان نعرف من هو؟؟
وهل ذهب زمن الصحابة والتابعين والسلف الصالح الى غير رجعة
بارك الله فيكي وجزاكي خيرا ولكي مني اجمل تحية
الا يستحق من سيشفع لنا يوم القيامة ان ندرس سيرته الجميلة!!اكيد يستحق ولكني اعجب من جيل هذا اليوم
موضوعكي الجميل ذكرني بقصة بسببها الف فضيلة الشيخ محمد العريفي كتاب اسماه:اولم يعرفوا رسولهم
في مقدمة الكتاب يذكر سبب التاليف والسبب هو كالاتي:
يقول الشيخ كانت لدي محاضرة القيها على طلاب احدى كليات الرياض
كليات يعني شباب مو اطفال والمهم يقول الشيخ وعنوان المحاضرة هو السيرة النبوية الشريفة فاحببت ان ابدا بسؤال
والسؤال هو عدد اربع من زوجات الرسول صلى اله عليه وسلم
فقال الطالب الاول خديجة
وقال الثاني عائشة وبعدها سكت الجميع لفترة من الزمن ثم قال احدهم:فاطمة
فذرفت عين الشيخ عندما سمع ذلك وقال فاطمة بنت الرسول وليست زوجته
فقال سالت الشباب عدد خمس لاعبين من فريق البرازيل فعدوا لي 15 لاعب فقلت لهم الفريق يحوي 11 لاعب فمن اين اتى ال15
فاجابوا الاحتياط ايضا وكانوا يستهزؤون بالشيخ عندما يردد خلفهم اسماء اللاعبين
فلا حول ولا قوة الا بالله
الا يستحق هذا الانسان العظيم ان نعرف من هو؟؟
وهل ذهب زمن الصحابة والتابعين والسلف الصالح الى غير رجعة
بارك الله فيكي وجزاكي خيرا ولكي مني اجمل تحية
هتلر- طالب ممتاز
- عدد المشاركات : 1014
العمر : 36
الموقع : daraa_syria@yahoo.com
تاريخ التسجيل : 29/08/2009
BAD BOY- طالب ممتاز
- عدد المشاركات : 224
تاريخ التسجيل : 26/09/2009
مواضيع مماثلة
» ..حجم دشداشة أبانا آدم بناء على ما ورد في قياساته بالأحاديث الشريفة..
» مدى أهمية الضحك !
» أهمية علاج السكري.............
» أعراض دراسة البكالوريا........
» أهمية الأذن,, ووظيفة السمع
» مدى أهمية الضحك !
» أهمية علاج السكري.............
» أعراض دراسة البكالوريا........
» أهمية الأذن,, ووظيفة السمع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى