قدر حبه ولا مفر
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قدر حبه ولا مفر
هذه قصيدة نشرت في ديوان "لماذا نحبه؟"
للشاعر الجزائري محمد جربوعة
عنوانها: قدر حبه ولا مفر للقلوب ( محمد صلى الله عليه وسلم )
طبشورةٌ صغيرةٌ
ينفخها غلامْ
يكتب في سبورةٍ:
"الله والرسول والإسلامْ"
يحبه الغلاْم
وتهمس الشفاه في حرارةٍ
تحرقها الدموع في تشهّد السلامْ
تحبه الصفوف في صلاتها
يحبه المؤتم في ماليزيا
وفي جوار البيت في مكّتهِ
يحبه الإمامْ
تحبه صبيةٌ
تنضّد العقيق في أفريقيا
يحبه مزارع يحفر في نخلته (محمدٌ)
في شاطئ الفرات في ابتسامْ
تحبه فلاحة ملامح الصعيد في سحنتها
تَذْكره وهي تذرّ قمحها
لتطعم الحمامْ
يحبه مولّهٌ
على جبال الألب والأنديزفي زقْروسَ
في جليد القطبِ في تجمّد العظامْ
يذكره مستقبِلا
تخرج من شفافه الحروف في بخارها
تختال في تكبيرة الإحرامْ
تحبه صغيرة من القوقازِ في عيونها الزرقاء مثل بركةٍ
يسرح في ضفافها اليمامْ
يحبه مشرّد مُسترجعٌ
ينظر من خيمتهِ
لبائس الخيامْ
تحبه أرملة تبلل الرغيف من دموعها
في ليلة الصيامْ
تحبه تلميذة (شطّورةٌ) في (عين أزال) عندنا
تكتب في دفترها:
"إلا الرسول أحمدا
وصحبه الكرامْ"
وتسأل الدمية في أحضانها:
تهوينهُ ؟
تهزها من رأسها لكي تقول:إي نعمْ
وبعدها تنامْ
يحبه الحمام في قبابهِ
يطير في ارتفاعة الأذان في أسرابهِ
ليدهش الأنظارْ
تحبه منابر حطّمها الغزاة في آهاتها
في بصرة العراقِ
أو في غروزَني
أو غزةِ الحصارْ
يحبّهُ من عبَدَ الأحجارَ في ضلالهِ
وبعدها كسّرها وعلق الفؤوس في رقابهاَ
وخلفه استدارْ
لعالم الأنوارْ
يحبه لأنّه أخرجه من معبد الأحجارْ
لمسجد القهارْ
يحبّه من يكثر الأسفارْ
يراه في تكسر الأهوار والأمواج في البحار
يراه في أجوائه مهيمنا
فيرسل العيون في اندهاشها
ويرسل الشفاه في همساتها:
"الله يا قهار!"
وشاعر يحبّهُ
يعصره في ليله الإلهامُ في رهبتهِ
فتشرق العيون والشفاه بالأنوارْ
فتولد الأشعارْ
ضوئيةَ العيون في مديحهِ
من عسجدٍ حروفها
ونقط الحروف في جمالها
كأنها أقمارْ
يحبه في غربة الأوطان في ضياعها الثوارْ
يستخرجون سيفهُ من غمدهِ
لينصروا الضعيفَ في ارتجافهِ
ويقطعوا الأسلاك في دوائر الحصارْ
تحبه صبية تذهب في صويحباتها
لتملأ الجرارْ
تقول في حيائها
"أنقذنا من وأدنا"
وتمسح الدموع بالخمارْ
تحبه نفسٌ هنا منفوسةٌ
تحفر في زنزانةٍ
بحرقة الأظفارْ:
"محمدٌ لم يأتِ بالسجون للأحرارْ.."
تنكسر الأظفار في نقوشها
ويخجل الجدارْ
تحبه قبائلٌ
كانت هنا ظلالها
تدور حول النارْ
ترقص في طبولها وبينها
كؤوسها برغوة تدارْ
قلائد العظام في رقابها
والمعبد الصخريُّ في بخورهِ
همهمة الأحبارْ
تحبه لأنهُ
أخرجها من ليلها
لروعة النهارْ
تحبه الصحراء في رمالها
ما كانت الصحراءُ في مضارب الأعرابِ في سباسب القفارْ ؟
ما كانت الصحراء في أولها ؟
هل غير لاتٍ وهوى
والغدرِ بالجوارْ ؟
هل غير سيفٍ جائرٍ
وغارةٍ وثارْ ؟
تحبه القلوبُ في نبضاتها
ما كانت القلوب في أهوائها من قبلهِ ؟
ليلى وهندا والتي (.....)
مهتوكة الأستارْ
وقربة الخمور في تمايلِ الخمّارْ ؟!
تحبه الزهور والنجوم والأفعال والأسماء والإعرابُ
والسطور والأقلام والأفكارْ
يحبه الجوريّ والنسرين والنوارْ
يحبه النخيل والصفصاف والعرعارْ
يحبهُ الهواء والخريف والرماد والتراب والغبارْ
تحبه البهائم العجماء في رحمتهِ
يحبه الكفارْ
لكنهم يكابرون حبهُ
ويدفنون الحب في جوانح الأسرارْ
تحبهُ
يحبه
نحبه
لأننا نستنشق الهواء من أنفاسهِ
ودورة الدماء في عروقنا
من قلبه الكبير في عروقنا تُدارْ
نحبهُ
لأنه الهواء والأنفاس والنبضات والعيون والأرواح والأعمارْ
نحبه لأنه بجملة بسيطة:
من أروع الأقدار في حياتنا
من أروع الأقدارْ
ونحن في إسلامنا عقيدة
نسلّم القلوب للأقدارْ
قصائد للشاعر د. محمد نجيب المراد
وصل الشاعر السوري د. محمد نجيب المراد الى الدور النهائي لمسابقة "شاعر العرب"، وهذه بعض قصائده التي شارك بها في الأدوار المختلفة للمسابقة.
للعلم، فإن قناة المستقلة أطلقت مسابقة "شاعر العرب" في فبراير 2007، ورصدت لها جوائز بقيمة 300 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل مليون و125 ألف ريال سعودي.
"شاعر العرب" أول مسابقة من نوعها للشعر العربي الفصيح في تاريخ الفضائيات العربية.
"الانحيــــاز"
[حفلُ توقيعِ سدانةِ الحسنِ في دفترِ الضوء]
ما احتاجَ وعدُكَ لي سِرَّاً لمن شَهِدَا
فالحرُّ عبدٌ لوعدٍ كانَ قد وَعَدا
لمّا همستَ بثغري بِكْرَ فاكهةٍ
من الكلامِ، بدتْ أنفاسُها ... زُبَدَا
وسالَ بينَ شفاهي رشحُ " منطقِها"
فبلَّ قلبيَ ريقاً جفَّ ... وازدَردَا
واسَّاقطتْ في أباريقي .. "بلاغتُها"
فَرُحْتُ أسكبُني رِيّاً لكلِّ "صَدَى"
لقَّنتني يومَها "عَقداً" مشافهةً
وقلتَ: وَقِّعْ على وردٍ بماءِ ندى
***
وَقَّعتُ يشهدُ سَروٌ في حديقتِنا
وفي خزانتِهِ قد خبَّأَ السَّنَدَا
وسجَّلَ الجلسةَ الصفصافُ عن كَثَبٍ
بدفترِ الضوءِ عند الفجرِ ... واعتَمَدَا
لا يحنَثُ السروُ والصفصافُ لو حَلفَا
بأنّ جسميْ بتلكَ اللحظةِ ... ارتعَدَا
وهكذا الشِّعرُ عَقْدٌ لا شهودَ له
سوى الجمالِ، وإلاّ عقدُهُ فَسَدَا
***
عاهدتني يومَها في أَنْ تكونَ أنا
أنتَ المغنّي وصوتي إِنْ حكاكَ صَدَى
ورحتَ تعزِفُ في أوتار حَنجرتي
فما عَرَفنا الذي مِنّا هناكَ شَدَا
غَنَّيتَ َرَصداً" وكانَ الناسُ قد فَهموا
فنَّ المقامِ ... فقالوا: آهِ لو رَصَدا
ورحتَ تفتحُ شبّاكاً بآهتهمْ
على يَمَامٍ.. بأفْقٍ شاسعٍ ومَدَى
نفختَ من نشوةِ الإبداعِ روحَ شجىً
على الروابي، فقامتْ واستوتْ جَسَدَا
فوَّجتَ نحو صعيدِ الغيمِ فِتنتََهُ
فجاءَ تدفعُهُ الأوهامُ واحتَشَدَا
وسالَ منه لعابٌ فاكتسى خَجَلاً
منه الجبينُ ومن إغضائِهِ ... رَعَدا
***
فجَّرْتَ في كُتُبِ الغاباتِ أنهرَها
هذا الفراتُ وهذا النيلُ أو بردى
وكنتَ تكتبُ في أوراقِ موجتِها
وَشْياً عليه ضميرُ الماء قد سَجَدا
***
قَصَّبتَ ريشَ حروفِ القمحِ فائتقلتْ
وَلَوَّنتْ ذهباً كفَّ الذي حَصَدا
رَبَّتَ فوق ظهورِ الفُلِّ فاختَلَجَتْ
منه المفاصلُ وابتُلَّتْ بما فَصَدا
ورُحتَ تلأمُ وَدْقَ العطرِ ... تنظُمهُ
شِعراً تأنَّقَ عِقداً لُحْمةً وسَدى
مُرتِّباً أُفُقَ الأزهارِ في نَسَقٍ
إن غابَ أُفْقٌ تثنَّى غيرُهُ وَبَدا
مُرَوِّضاً نَزواتِ الوردِ تفركُهُ
من مسمعيهِ ... إذا ما بوحُهُ عَنَدا
***
أَعدَدْتَ للقمرِ الفضيِّ مُتَّكَأً
فجاءَ ... فوقَ سريرِ السَّطرِ واستنَدَا
وقلتَ للقلمِ الفنَانِ ... مُرَّ بهِ
فقطَّع القمرُ المفتونُ فيه ... يدَا
كذاك وانسكبتْ في الطِّرْسِ فضَّتُهُ
فحصحصَ الحسنُ في خديّكَ ... منفرِدَا
حَملتَ بيرقَهُ تتلو المعوذتيـ
ـنِ نافخاً بهما ... وجهَ الذي حَسَدا
وقامَ برقٌ يحكُّ الجفنَ مندَهِشاً
مما فعلتَ وحتى اليوم ... ما قَعَدا
وراحَ يقطرُ عينيه بقافيةٍ
من ماءِ شِعركَ حتى يُذْهِبَ الرَّمَدا
***
وأوَّلوكَ ... فهذا راحَ مقترِباً
من اللِّحاءِ وهذا راحَ مبتعِدا
ولا غرورٌ، وحاشا شامتيكَ أنا
عرفتُ قلبكَ في الأضواءِ قد زَهِدا
<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--[endif]-->
لكنه الحُسْنُ سهواً قد وقعتَ به
وما عَمَدتَ إلى الإغواءِ بلْ عَمَدا
واستحوذتكَ معانيهِ فكنتَ له
على القريحةِ ... طيراً صادِحاً غَرِدا
***
واليومَ لما رأيتَ الظلمَ مفترِساً
لحمَ الرضيعِ وحلمَ الأمِّ ضاعَ سُدى
غَضَضْتَ طرفَكَ قلتَ: الشعرُ صنعتُهُ
رصدُ الجَمَالِ، لهذا بيننا ... وُجَِدا
***
يا سادنَ الحُسْنِ إنّ العدلَ جوهرُه
حُسْنٌ... وكلُّ جمالٍ غيرُه نَفَدا
الحسنُ والعدلُ نهرا كلِّ أغنيةٍ
وبالجمالِ بحورَ الشعرِ ... قد رَفَدا
يا سادنَ الحُسْنِ إنَّ الشِّعرَ نفثَتَهُ
في أن يكونَ على الظُّلامِ ... ألفَ رَدَى
وأن يكونَ مع المظلومِ حربتَهُ
ووهجُهُ الحرُّ في قلبِ الطغاةِ مُدَى
وأنْ يُضيءَ كقِنديلٍ لمضَّطهَدٍ
حتى ولو صارَ باسم النورِ مُضَّطَهَدا
***
يا سادنَ الحُسْنِ إني قد نَذَرْتُ دمي
على دروبِ جميعِ المتعبين.. فِدى
غَنَّيتُ فرحتَهمْ، أَجَّجْتُ ثورتَهمْ
والظلُّ والشمسُ في أوداجيَ ... اتَّحدا
وأنتَ ... واعدتَني في أن تكونَ أنا
يا أيها الحرُّ... أَنجِزْ ما وعدتَ... غَدَا
****
القيصر
"باقةٌ من زخَّاتِ نافورةِ الماءِ في بيت أبي"
"والسؤالُ الذي أرَّقَ الشحارير"
ويأتي الصيفُ يلبسُ ثوبََهُ الأَحَمرْ .
ويرمي شََعْرَ غُرَّتِهِ على حرفي ...
فلا تدري من الأشقرْ .
ويضحكُ ضحكةً بيضاءَ في أَلَقٍ...
ويشهقُ فوق رابيتي...
فإذْ غصنُ الهوى زرَّرْ .
تميلُ بناتُ أفكاري...
تهزُّ الرأسَ مثلَ سنابلِ البيدَرْ .
فقمحٌ من هناكَ حكى...
ونبعٌ من هنا ... ثرثرْ .
وأشجارٌ من الدرّاقِ فيها الخوخُ...
طولَ الليل كَمْ عانى ... وكَمْ فَكَّرْ .
وصََعَّرََ خدَّهُ كَرَزٌ فما أحلى الذي صََعَّرْ .
جمالٌ لو أُصوِّرُهُ ... يدُوخُ الحبرُ والدفترْ .
***
يجئُ الصيفُ ينبعُ من يدِي "بردى".
ويسقي "غوطةً" أكبرْ .
مساحاتٌ من الرُّمانِ في قلبي...
يصافحُ لونَها بيدٍ...
ويلثمُ وجهَهَا بفمٍ...
على مَهَلٍ ... ولا يَضجَرْ .
"زقاقُ الصخرِ" ضمنَ دمي وشلاَّلٌ على "دُمَّرْ ."
لذاكَ "دمشقُ" قد سَكَنَتْ ....
"بربوتِها" على شريانيَ الأَبَهرْ .
***
يجيءُ الصيفُ من "كيوانَ" ...
حيثُ مشاتلُ العنبرْ .
وحيثُ "المزَّةُ" الحسناءُ في دَلٍّ...
تمُدُّ سريرَها الأخَضَرْ .
وحيثُ "المَرْجةُ" اغتسَلتْ ...
وَلَفَّتْ فُلَّها المنسوجَ من عطرٍ على الردفينِ كالمِئزرْ .
وحيثُ الياسمينُ مَشى...
من "الميدانِ" "للقصَّاعِ" يرقصُ "عرضةَ" الخَنجَرْ .
فينزفُ من هنا رَهَطٌ...
ويُذبحُ من هنا مَعشرْ .
وكلُّ الشامِ تعشقُهُ...
برغمِ الطعنِ في حبٍّ تسامحُهُ...
ولا تثأرْ .
يَمدُّ أصيصُ أزهارٍ عيونَ العطرِِ من شُرَفٍ...
ويرفعُ كفَّهُ المخضوبَ من عَبَقٍ ...
يُحيي سيَّدَ الأزهارِ....
يلقي فوقَهُ مِنديلَهُ المشغولَ بالمنثورِ إذْ أَزْهَرْ .
***
وإنَّ الصيفَ في وطني...
كما شاهدتُ ...
بستانٌ يُصلّي الصبحَ في الساحاتِ...
أنسامٌ تقيمُ الليلَ .. تتلو سورةَ الكوثرْ .
وأصواتٌ من "النعناعِِ"...
رائحةٌ من "النهاوندِ"...
لوحاتٌ ... ترى بيديكَ أو عينيك َ روعَتها...
فسبحانَ الذي صَوَّرْ .
قميصُ الحُسْنِ شَفَّافٌ على وطني...
وإنْ غطَّى وإنْ سَتَّرْ .
فَكُمٌّ ههنا أرخى بأزرارٍ من الفيروزِ لامعةٍ...
وَكُمٌّ ... ههنا شَمَّرْ .
***
مطاراتٌ شبابيكُ الدمشقياتِ للأطيارِ...
تهبطُ عندها عصراً...
تزوِّدُ نفسَها بالفستقِ الأخضرْ .
وترسمُ خطََّ خارطةٍٍ...
إلى الكحلِ الدمشقيِّ الذي في لُغزِهِ حَيَّرْ .
شبابيكُ الدِّمشقيَّاتِ آهاتٌ مُضَفَّرةٌ من الألوانِ...
حيثُ العشقُ للأهدابِ قد ضَفَّرْ .
فتأخذُ بعضَها سِنَةٌ ...
فتزجُرها ... التي تَسهَرْ .
الـثـــــّغــر
إنَّ هذا البحرَ يَشهدْ.
أنني لونتهُ بالأزرقِ الداكنِ يوماً...
ثمَّ بالفاتحِ يوماً...
وسكبتُ اللازوردَ الأمسَ واليومَ وفي غدْ.
وطيورُ البحرِ تشهدْ.
كيفَ هذا الماءُ من قلبي تَنَّهدْ.؟
كيفَ هذا الموجُ يأتي كلَّ صبحٍ...
تحت شباكي... ويَصعَدْ.
يشربُ القهوةَ في الشُّرفةِ عندي...
حيثُ في الشُّرفةِ للأمواجِ ... مَقْعَدْ.
تمسحُ الأصدافُ عينيها بمِنديلي...
وتتلو ... صحفَ اليومِ ... وفي حِضني تَسنَّدْ.
يَغسِلُ النَّورسُ جنحيهِ بدمعي...
وأنا أُطعمُه السُّكَّرَ والكاكاوَ...
من صحنٍ بأشواقي ممرَّدْ.
تخلعُ الريحُ على وجهي قُفّازاً لُجينياً...
وترمي شالَها المصنوعَ من "يود" على شَعري المجعَّدْ.
وأنا أغسلُ بالوردِ يديها...
وأراها تحت ماءِ الوردِ في دَلِّ ... تأوَّدْ.
تَنَطِقُ الأسماكُ في كفيَّ شِعراً...
وتَصيدُ الصورةَ المحبوكةَ الألوانِ منِي...
والفراشاتِ التي في شَعرِها عطري ... تَجمَّدْ.
هلْ رأيتمْ سمكاً شعرَ الفراشاتِ ... تَصيَّدْ.
أيّها البحرُ الذي ما بينَ عينيهِ وعينِْي...
مطرُ الحبِّ تهجَّدْ.
وعلى سَجَّادةٍ من زَبَدٍ...
كم سبَّحَ الليلُ .... وَحَمَّدْ.
عندما جئتُهُ في الليلِ...
وكانَ البحر قد ألقى المراسي عند مينائي...
أدارَ الحبُّ عينيهِ كمنْ قد غاصَ في هَمِّ الغواني...
يومَها حوقلَ سِرّاً ... ثمَّ ناداني: تَجلَّدْ.
صاحبي، من ثلث قرنٍ وصديقي...
شَجَنُ البحرِ اكتساني خَلَجاتٍ...
أنظروا، ها عَرَقُ الماءِ، على جبهةِ أقلامي تَورَّدْ.
شَجَنُ البحرِ ارتَآني، فأنا حُزنٌُ مُمدَّدْ.
ولشطآني على أوجاعها...
في زمنِ البرقِ... أَهازيجُ الزبرجدْ.
كم توقدتُ على الرملِ...
وهاكم رجلاً ... يمشي إليكم، كلُّ ما فيه تَوَقَّدْ.
أََشعِلوا منِي فوانيسَ هواكمْ....
إنني قِنديلُ هذا البحرِ من شوقٍ تَجَسَّدْ.
أبرقَ الغيمُ الذي في وهجِ مشكاتي...
تَدَّلى... ثمَّ أرعدْ.
وأَنا أَنظرُ للموجةِ، حيث الطحلُبُ الأخضرُ...
خصرَ الماءِ في رقصٍ تَزَنّدْ.
أيُّ موسيقى على ظهرِ شراعٍ...
أَعملتْ أظفارَها في مسمعِي...
إِذْ كلُّ ماضيَّ الموسيقيُّ بأنواعٍ المقاماتِ تمرَّدْ.
سَحَبَ " الرصدُ" السكاكينَ وفي قلبيَ سَدَّدْ.
"وبياتٌ" جَنَّدَ التَذكارَ ضدي...
آهِ كم يذبحُ تَذكارٌ مُجنَّدْ.
ذُبتُ كالآهاتِ...
غَنَّاها " برأسِ التينِ " حَسُّونٌ ... وَغَرَّدْ.
عرفتني " ساحةُ المنشيّةِ " الصرحُ الذي يوماً على أدراجهِ....
قد زارني " شوقي " أبو الشعرِ....
وأهدانِي وريقاتٍ من النعناعِ...
فيها بعضُ تطريزٍ من الليمونِ...
شُمّوا شِعريَ المسكونَ بالإبداعِ...
شوقي فيه بالنعناعَ والليمونِ ... جَدَّدْ.
" وفنارٌ" أغمضَ الجفنَ قليلاً...
ثم بالسبّابةِ اليمنى مشيراً باتجاهي...:
قد تذكرتُ، تذكرتُ ...
أأنتَ العاشقُ المجنونُ... عُدتَ الآنَ فادخلْ يا محمّدْ.
كانتْ الأحجارُ عندَ السورِ....
عند المدخلِ الشرقيِّ للميناءِ ترنولي...
وبعضُ النقشِ قد لاحظتُ قلباً بينَ جنبيهِ...
رآني من بعيدٍ ... دَقَّ أَزْيدْ.
نزلتْ من عرشهِا الأضواءُ تمشي...
"والبصيريُّ" بقلب الساحةِ الكبرى...
ويتلو "بردةُ الحبِّ"....
وشِعري عنده جاثٍ...
وفي صمتٍ تَشهَّدْ.
إنهُ الثغرُ....
فَقبِّلْ يا فؤادي حيثما شئتَ....
فدادينَ شِفاهٍ وَلَماها فاضَ عَسجدْ.
إنَهُ الثغرُ الذي عَلَّمكَ النبضَ...
وغذِّى ببريقِ الوجدِ شريانَ الشرايينِ ... وأوقدْ.
إنّه الثغرُ الذي غَرَّق أسماكاً...
ويطلي بالدهاناتِ هواءً.
بلْ ويهدي الضوءَ نظاراتِ شمسٍ....
صُنِّعتْ في الشارعِ الخلفيِّ للميناءِ من غيمٍ مُبرَّدْ.
غَمَزَتْ لي نَقشَةُ الحِنَّاءِ...
في "زنقةِ سِتَاتٍ"....
فقامتْ نكهةُُ البحرِ تغني...
وإذا "سيّدُ درويشٍ" بكومِ الدّكةِ" الحسناءِ...
عند الفجرِ للحلوةٍ ... أنشدْ.
أجهشَ الأسفلتُ،
أقدامي على رِفقٍ تَحطُّ الخطوَ...
تخشى....
إن هذا الشارع المرصوفَ بالأحداقِ...
من أَتُّونِ آهاتي دموعاً قد تمهَّدْ.
كنتُ أمشي فيهِ مبهوراً...
كأني في حقولٍ...
أتملى زعفراناً صهوةَ الريحِ توسَّدْ.
أسمعُ الفُلَّ على قوسِ كمانٍ يتثنى...
يصدحُ العطرَ زكيَّاً...
عَلَّها تَخضَلُّ من أمطارِ موسيقاهُ نجماتٌ فَيَسعدْ.
أََيُّهذا الشارعُ الساكنُ كالنقطةِ في نوني...
مقيمٌ، وحناياهُ تموءُ الدفءَ في عمري المشرَّدْ.
جئتكَ اليومَ....
وقدْ مَرَّ زمانٌ....
أتعبَ الدربُ الشماليُّ خيولي بالفتوحاتِ... وأَجَهدْ.
فإذا أَنتَ كما أَنتَ....
مواعيدي التي تُفرِزُ شَهداً....
زغبُ المسكِ، وأعشابٌ من النَّدِّ....
نخيلُ من حنانٍ، عند شباكِ حبيبي، قد تَنضَّدْ.
لم يُغيْركَ الزمانُ الفجُّ....
يا مأَوى العصافِيرِ التي في ريشها كحلٌ....
ويا بيتَ العيونِ الخضرِ، والهُدْبِ المهنَّدْ.
أنت ما زلت كما أنتَ...
عجيبٌُ! ما انمَحتْ عنك شفاهي وعيوني...
وبقايا ضوءِ مصباحٍ مُسهَّدْ.
وإمامٌ شاطبيٌّ...
أخضرُ النبرةِ يتلو:
"والضحى والليلِ" في فنٍّ مُجوَّدْ.
أطلقَ المدَّ كما شاءَ بليلٍ ثمَّ عندَ الصبحِ قَيَّدْ.
مرحباً يا منزلَ الحبِّ
ويا أنشوطةَ الزهرِ التي عُنْقي بإحكامٍ تَقَلَّدْ.
ههنا لهفةُ أضلاعي مشتْ بي وَرَمتنْي...
فتكسرتُ فتافيتَ يواقيتَ على أرضِ حبيبي.
صَدِّقوني ....
لحظةً واحدةً لم أتردَّدْ.
قادني الحبُّ، مشى بي....
في دهاليزَ من الأحلامِ...
غطّانِي بجفنيِهِ وأَوصَدْ.
فسلاماً أيها الحبُّ...
الذي من ربع قرنٍ، أنا من لمسةِ شاماتٍ على خديَّهِ أُولدْ.
وسلاماً أيها البحرُ...
رسولي للعيونِ الخضرِ....
دوماً للأماناتِ كعصفورٍ تَعَهَّدْ.
وسقى الله "أبا قيرٍ" "ورأسَ التينِ" غيثاً...
" وترامَ الرملِ" يسقيه غَمامٌ من عطورٍ ليسَ يَنْفَدْ.
إنَّ قلبي عندكم يا أهلَ هذا الثغرِ....
يُمضي ليلَهُ في جانب البحرِ مضيئاً....
(فَلَقاً) يتلو على الحسّادِ حِرزاً...
كم أغاظَ الحبُّ ... حُسَّدْ.
يشهدُ الإسكندرانيّون أنّي في هواهم شاعرٌ...
والبحرُ يشهدْ.
يكتبُ التاريخُ أني..
أنا "إقليمُ شماليُ" " بإقليمٍ جنوبيٍ" تَوَحَّدْ.
كل عام وأنتم بخير
للشاعر الجزائري محمد جربوعة
عنوانها: قدر حبه ولا مفر للقلوب ( محمد صلى الله عليه وسلم )
طبشورةٌ صغيرةٌ
ينفخها غلامْ
يكتب في سبورةٍ:
"الله والرسول والإسلامْ"
يحبه الغلاْم
وتهمس الشفاه في حرارةٍ
تحرقها الدموع في تشهّد السلامْ
تحبه الصفوف في صلاتها
يحبه المؤتم في ماليزيا
وفي جوار البيت في مكّتهِ
يحبه الإمامْ
تحبه صبيةٌ
تنضّد العقيق في أفريقيا
يحبه مزارع يحفر في نخلته (محمدٌ)
في شاطئ الفرات في ابتسامْ
تحبه فلاحة ملامح الصعيد في سحنتها
تَذْكره وهي تذرّ قمحها
لتطعم الحمامْ
يحبه مولّهٌ
على جبال الألب والأنديزفي زقْروسَ
في جليد القطبِ في تجمّد العظامْ
يذكره مستقبِلا
تخرج من شفافه الحروف في بخارها
تختال في تكبيرة الإحرامْ
تحبه صغيرة من القوقازِ في عيونها الزرقاء مثل بركةٍ
يسرح في ضفافها اليمامْ
يحبه مشرّد مُسترجعٌ
ينظر من خيمتهِ
لبائس الخيامْ
تحبه أرملة تبلل الرغيف من دموعها
في ليلة الصيامْ
تحبه تلميذة (شطّورةٌ) في (عين أزال) عندنا
تكتب في دفترها:
"إلا الرسول أحمدا
وصحبه الكرامْ"
وتسأل الدمية في أحضانها:
تهوينهُ ؟
تهزها من رأسها لكي تقول:إي نعمْ
وبعدها تنامْ
يحبه الحمام في قبابهِ
يطير في ارتفاعة الأذان في أسرابهِ
ليدهش الأنظارْ
تحبه منابر حطّمها الغزاة في آهاتها
في بصرة العراقِ
أو في غروزَني
أو غزةِ الحصارْ
يحبّهُ من عبَدَ الأحجارَ في ضلالهِ
وبعدها كسّرها وعلق الفؤوس في رقابهاَ
وخلفه استدارْ
لعالم الأنوارْ
يحبه لأنّه أخرجه من معبد الأحجارْ
لمسجد القهارْ
يحبّه من يكثر الأسفارْ
يراه في تكسر الأهوار والأمواج في البحار
يراه في أجوائه مهيمنا
فيرسل العيون في اندهاشها
ويرسل الشفاه في همساتها:
"الله يا قهار!"
وشاعر يحبّهُ
يعصره في ليله الإلهامُ في رهبتهِ
فتشرق العيون والشفاه بالأنوارْ
فتولد الأشعارْ
ضوئيةَ العيون في مديحهِ
من عسجدٍ حروفها
ونقط الحروف في جمالها
كأنها أقمارْ
يحبه في غربة الأوطان في ضياعها الثوارْ
يستخرجون سيفهُ من غمدهِ
لينصروا الضعيفَ في ارتجافهِ
ويقطعوا الأسلاك في دوائر الحصارْ
تحبه صبية تذهب في صويحباتها
لتملأ الجرارْ
تقول في حيائها
"أنقذنا من وأدنا"
وتمسح الدموع بالخمارْ
تحبه نفسٌ هنا منفوسةٌ
تحفر في زنزانةٍ
بحرقة الأظفارْ:
"محمدٌ لم يأتِ بالسجون للأحرارْ.."
تنكسر الأظفار في نقوشها
ويخجل الجدارْ
تحبه قبائلٌ
كانت هنا ظلالها
تدور حول النارْ
ترقص في طبولها وبينها
كؤوسها برغوة تدارْ
قلائد العظام في رقابها
والمعبد الصخريُّ في بخورهِ
همهمة الأحبارْ
تحبه لأنهُ
أخرجها من ليلها
لروعة النهارْ
تحبه الصحراء في رمالها
ما كانت الصحراءُ في مضارب الأعرابِ في سباسب القفارْ ؟
ما كانت الصحراء في أولها ؟
هل غير لاتٍ وهوى
والغدرِ بالجوارْ ؟
هل غير سيفٍ جائرٍ
وغارةٍ وثارْ ؟
تحبه القلوبُ في نبضاتها
ما كانت القلوب في أهوائها من قبلهِ ؟
ليلى وهندا والتي (.....)
مهتوكة الأستارْ
وقربة الخمور في تمايلِ الخمّارْ ؟!
تحبه الزهور والنجوم والأفعال والأسماء والإعرابُ
والسطور والأقلام والأفكارْ
يحبه الجوريّ والنسرين والنوارْ
يحبه النخيل والصفصاف والعرعارْ
يحبهُ الهواء والخريف والرماد والتراب والغبارْ
تحبه البهائم العجماء في رحمتهِ
يحبه الكفارْ
لكنهم يكابرون حبهُ
ويدفنون الحب في جوانح الأسرارْ
تحبهُ
يحبه
نحبه
لأننا نستنشق الهواء من أنفاسهِ
ودورة الدماء في عروقنا
من قلبه الكبير في عروقنا تُدارْ
نحبهُ
لأنه الهواء والأنفاس والنبضات والعيون والأرواح والأعمارْ
نحبه لأنه بجملة بسيطة:
من أروع الأقدار في حياتنا
من أروع الأقدارْ
ونحن في إسلامنا عقيدة
نسلّم القلوب للأقدارْ
قصائد للشاعر د. محمد نجيب المراد
وصل الشاعر السوري د. محمد نجيب المراد الى الدور النهائي لمسابقة "شاعر العرب"، وهذه بعض قصائده التي شارك بها في الأدوار المختلفة للمسابقة.
للعلم، فإن قناة المستقلة أطلقت مسابقة "شاعر العرب" في فبراير 2007، ورصدت لها جوائز بقيمة 300 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل مليون و125 ألف ريال سعودي.
"شاعر العرب" أول مسابقة من نوعها للشعر العربي الفصيح في تاريخ الفضائيات العربية.
"الانحيــــاز"
[حفلُ توقيعِ سدانةِ الحسنِ في دفترِ الضوء]
ما احتاجَ وعدُكَ لي سِرَّاً لمن شَهِدَا
فالحرُّ عبدٌ لوعدٍ كانَ قد وَعَدا
لمّا همستَ بثغري بِكْرَ فاكهةٍ
من الكلامِ، بدتْ أنفاسُها ... زُبَدَا
وسالَ بينَ شفاهي رشحُ " منطقِها"
فبلَّ قلبيَ ريقاً جفَّ ... وازدَردَا
واسَّاقطتْ في أباريقي .. "بلاغتُها"
فَرُحْتُ أسكبُني رِيّاً لكلِّ "صَدَى"
لقَّنتني يومَها "عَقداً" مشافهةً
وقلتَ: وَقِّعْ على وردٍ بماءِ ندى
***
وَقَّعتُ يشهدُ سَروٌ في حديقتِنا
وفي خزانتِهِ قد خبَّأَ السَّنَدَا
وسجَّلَ الجلسةَ الصفصافُ عن كَثَبٍ
بدفترِ الضوءِ عند الفجرِ ... واعتَمَدَا
لا يحنَثُ السروُ والصفصافُ لو حَلفَا
بأنّ جسميْ بتلكَ اللحظةِ ... ارتعَدَا
وهكذا الشِّعرُ عَقْدٌ لا شهودَ له
سوى الجمالِ، وإلاّ عقدُهُ فَسَدَا
***
عاهدتني يومَها في أَنْ تكونَ أنا
أنتَ المغنّي وصوتي إِنْ حكاكَ صَدَى
ورحتَ تعزِفُ في أوتار حَنجرتي
فما عَرَفنا الذي مِنّا هناكَ شَدَا
غَنَّيتَ َرَصداً" وكانَ الناسُ قد فَهموا
فنَّ المقامِ ... فقالوا: آهِ لو رَصَدا
ورحتَ تفتحُ شبّاكاً بآهتهمْ
على يَمَامٍ.. بأفْقٍ شاسعٍ ومَدَى
نفختَ من نشوةِ الإبداعِ روحَ شجىً
على الروابي، فقامتْ واستوتْ جَسَدَا
فوَّجتَ نحو صعيدِ الغيمِ فِتنتََهُ
فجاءَ تدفعُهُ الأوهامُ واحتَشَدَا
وسالَ منه لعابٌ فاكتسى خَجَلاً
منه الجبينُ ومن إغضائِهِ ... رَعَدا
***
فجَّرْتَ في كُتُبِ الغاباتِ أنهرَها
هذا الفراتُ وهذا النيلُ أو بردى
وكنتَ تكتبُ في أوراقِ موجتِها
وَشْياً عليه ضميرُ الماء قد سَجَدا
***
قَصَّبتَ ريشَ حروفِ القمحِ فائتقلتْ
وَلَوَّنتْ ذهباً كفَّ الذي حَصَدا
رَبَّتَ فوق ظهورِ الفُلِّ فاختَلَجَتْ
منه المفاصلُ وابتُلَّتْ بما فَصَدا
ورُحتَ تلأمُ وَدْقَ العطرِ ... تنظُمهُ
شِعراً تأنَّقَ عِقداً لُحْمةً وسَدى
مُرتِّباً أُفُقَ الأزهارِ في نَسَقٍ
إن غابَ أُفْقٌ تثنَّى غيرُهُ وَبَدا
مُرَوِّضاً نَزواتِ الوردِ تفركُهُ
من مسمعيهِ ... إذا ما بوحُهُ عَنَدا
***
أَعدَدْتَ للقمرِ الفضيِّ مُتَّكَأً
فجاءَ ... فوقَ سريرِ السَّطرِ واستنَدَا
وقلتَ للقلمِ الفنَانِ ... مُرَّ بهِ
فقطَّع القمرُ المفتونُ فيه ... يدَا
كذاك وانسكبتْ في الطِّرْسِ فضَّتُهُ
فحصحصَ الحسنُ في خديّكَ ... منفرِدَا
حَملتَ بيرقَهُ تتلو المعوذتيـ
ـنِ نافخاً بهما ... وجهَ الذي حَسَدا
وقامَ برقٌ يحكُّ الجفنَ مندَهِشاً
مما فعلتَ وحتى اليوم ... ما قَعَدا
وراحَ يقطرُ عينيه بقافيةٍ
من ماءِ شِعركَ حتى يُذْهِبَ الرَّمَدا
***
وأوَّلوكَ ... فهذا راحَ مقترِباً
من اللِّحاءِ وهذا راحَ مبتعِدا
ولا غرورٌ، وحاشا شامتيكَ أنا
عرفتُ قلبكَ في الأضواءِ قد زَهِدا
<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--[endif]-->
لكنه الحُسْنُ سهواً قد وقعتَ به
وما عَمَدتَ إلى الإغواءِ بلْ عَمَدا
واستحوذتكَ معانيهِ فكنتَ له
على القريحةِ ... طيراً صادِحاً غَرِدا
***
واليومَ لما رأيتَ الظلمَ مفترِساً
لحمَ الرضيعِ وحلمَ الأمِّ ضاعَ سُدى
غَضَضْتَ طرفَكَ قلتَ: الشعرُ صنعتُهُ
رصدُ الجَمَالِ، لهذا بيننا ... وُجَِدا
***
يا سادنَ الحُسْنِ إنّ العدلَ جوهرُه
حُسْنٌ... وكلُّ جمالٍ غيرُه نَفَدا
الحسنُ والعدلُ نهرا كلِّ أغنيةٍ
وبالجمالِ بحورَ الشعرِ ... قد رَفَدا
يا سادنَ الحُسْنِ إنَّ الشِّعرَ نفثَتَهُ
في أن يكونَ على الظُّلامِ ... ألفَ رَدَى
وأن يكونَ مع المظلومِ حربتَهُ
ووهجُهُ الحرُّ في قلبِ الطغاةِ مُدَى
وأنْ يُضيءَ كقِنديلٍ لمضَّطهَدٍ
حتى ولو صارَ باسم النورِ مُضَّطَهَدا
***
يا سادنَ الحُسْنِ إني قد نَذَرْتُ دمي
على دروبِ جميعِ المتعبين.. فِدى
غَنَّيتُ فرحتَهمْ، أَجَّجْتُ ثورتَهمْ
والظلُّ والشمسُ في أوداجيَ ... اتَّحدا
وأنتَ ... واعدتَني في أن تكونَ أنا
يا أيها الحرُّ... أَنجِزْ ما وعدتَ... غَدَا
****
القيصر
"باقةٌ من زخَّاتِ نافورةِ الماءِ في بيت أبي"
"والسؤالُ الذي أرَّقَ الشحارير"
ويأتي الصيفُ يلبسُ ثوبََهُ الأَحَمرْ .
ويرمي شََعْرَ غُرَّتِهِ على حرفي ...
فلا تدري من الأشقرْ .
ويضحكُ ضحكةً بيضاءَ في أَلَقٍ...
ويشهقُ فوق رابيتي...
فإذْ غصنُ الهوى زرَّرْ .
تميلُ بناتُ أفكاري...
تهزُّ الرأسَ مثلَ سنابلِ البيدَرْ .
فقمحٌ من هناكَ حكى...
ونبعٌ من هنا ... ثرثرْ .
وأشجارٌ من الدرّاقِ فيها الخوخُ...
طولَ الليل كَمْ عانى ... وكَمْ فَكَّرْ .
وصََعَّرََ خدَّهُ كَرَزٌ فما أحلى الذي صََعَّرْ .
جمالٌ لو أُصوِّرُهُ ... يدُوخُ الحبرُ والدفترْ .
***
يجئُ الصيفُ ينبعُ من يدِي "بردى".
ويسقي "غوطةً" أكبرْ .
مساحاتٌ من الرُّمانِ في قلبي...
يصافحُ لونَها بيدٍ...
ويلثمُ وجهَهَا بفمٍ...
على مَهَلٍ ... ولا يَضجَرْ .
"زقاقُ الصخرِ" ضمنَ دمي وشلاَّلٌ على "دُمَّرْ ."
لذاكَ "دمشقُ" قد سَكَنَتْ ....
"بربوتِها" على شريانيَ الأَبَهرْ .
***
يجيءُ الصيفُ من "كيوانَ" ...
حيثُ مشاتلُ العنبرْ .
وحيثُ "المزَّةُ" الحسناءُ في دَلٍّ...
تمُدُّ سريرَها الأخَضَرْ .
وحيثُ "المَرْجةُ" اغتسَلتْ ...
وَلَفَّتْ فُلَّها المنسوجَ من عطرٍ على الردفينِ كالمِئزرْ .
وحيثُ الياسمينُ مَشى...
من "الميدانِ" "للقصَّاعِ" يرقصُ "عرضةَ" الخَنجَرْ .
فينزفُ من هنا رَهَطٌ...
ويُذبحُ من هنا مَعشرْ .
وكلُّ الشامِ تعشقُهُ...
برغمِ الطعنِ في حبٍّ تسامحُهُ...
ولا تثأرْ .
يَمدُّ أصيصُ أزهارٍ عيونَ العطرِِ من شُرَفٍ...
ويرفعُ كفَّهُ المخضوبَ من عَبَقٍ ...
يُحيي سيَّدَ الأزهارِ....
يلقي فوقَهُ مِنديلَهُ المشغولَ بالمنثورِ إذْ أَزْهَرْ .
***
وإنَّ الصيفَ في وطني...
كما شاهدتُ ...
بستانٌ يُصلّي الصبحَ في الساحاتِ...
أنسامٌ تقيمُ الليلَ .. تتلو سورةَ الكوثرْ .
وأصواتٌ من "النعناعِِ"...
رائحةٌ من "النهاوندِ"...
لوحاتٌ ... ترى بيديكَ أو عينيك َ روعَتها...
فسبحانَ الذي صَوَّرْ .
قميصُ الحُسْنِ شَفَّافٌ على وطني...
وإنْ غطَّى وإنْ سَتَّرْ .
فَكُمٌّ ههنا أرخى بأزرارٍ من الفيروزِ لامعةٍ...
وَكُمٌّ ... ههنا شَمَّرْ .
***
مطاراتٌ شبابيكُ الدمشقياتِ للأطيارِ...
تهبطُ عندها عصراً...
تزوِّدُ نفسَها بالفستقِ الأخضرْ .
وترسمُ خطََّ خارطةٍٍ...
إلى الكحلِ الدمشقيِّ الذي في لُغزِهِ حَيَّرْ .
شبابيكُ الدِّمشقيَّاتِ آهاتٌ مُضَفَّرةٌ من الألوانِ...
حيثُ العشقُ للأهدابِ قد ضَفَّرْ .
فتأخذُ بعضَها سِنَةٌ ...
فتزجُرها ... التي تَسهَرْ .
الـثـــــّغــر
إنَّ هذا البحرَ يَشهدْ.
أنني لونتهُ بالأزرقِ الداكنِ يوماً...
ثمَّ بالفاتحِ يوماً...
وسكبتُ اللازوردَ الأمسَ واليومَ وفي غدْ.
وطيورُ البحرِ تشهدْ.
كيفَ هذا الماءُ من قلبي تَنَّهدْ.؟
كيفَ هذا الموجُ يأتي كلَّ صبحٍ...
تحت شباكي... ويَصعَدْ.
يشربُ القهوةَ في الشُّرفةِ عندي...
حيثُ في الشُّرفةِ للأمواجِ ... مَقْعَدْ.
تمسحُ الأصدافُ عينيها بمِنديلي...
وتتلو ... صحفَ اليومِ ... وفي حِضني تَسنَّدْ.
يَغسِلُ النَّورسُ جنحيهِ بدمعي...
وأنا أُطعمُه السُّكَّرَ والكاكاوَ...
من صحنٍ بأشواقي ممرَّدْ.
تخلعُ الريحُ على وجهي قُفّازاً لُجينياً...
وترمي شالَها المصنوعَ من "يود" على شَعري المجعَّدْ.
وأنا أغسلُ بالوردِ يديها...
وأراها تحت ماءِ الوردِ في دَلِّ ... تأوَّدْ.
تَنَطِقُ الأسماكُ في كفيَّ شِعراً...
وتَصيدُ الصورةَ المحبوكةَ الألوانِ منِي...
والفراشاتِ التي في شَعرِها عطري ... تَجمَّدْ.
هلْ رأيتمْ سمكاً شعرَ الفراشاتِ ... تَصيَّدْ.
أيّها البحرُ الذي ما بينَ عينيهِ وعينِْي...
مطرُ الحبِّ تهجَّدْ.
وعلى سَجَّادةٍ من زَبَدٍ...
كم سبَّحَ الليلُ .... وَحَمَّدْ.
عندما جئتُهُ في الليلِ...
وكانَ البحر قد ألقى المراسي عند مينائي...
أدارَ الحبُّ عينيهِ كمنْ قد غاصَ في هَمِّ الغواني...
يومَها حوقلَ سِرّاً ... ثمَّ ناداني: تَجلَّدْ.
صاحبي، من ثلث قرنٍ وصديقي...
شَجَنُ البحرِ اكتساني خَلَجاتٍ...
أنظروا، ها عَرَقُ الماءِ، على جبهةِ أقلامي تَورَّدْ.
شَجَنُ البحرِ ارتَآني، فأنا حُزنٌُ مُمدَّدْ.
ولشطآني على أوجاعها...
في زمنِ البرقِ... أَهازيجُ الزبرجدْ.
كم توقدتُ على الرملِ...
وهاكم رجلاً ... يمشي إليكم، كلُّ ما فيه تَوَقَّدْ.
أََشعِلوا منِي فوانيسَ هواكمْ....
إنني قِنديلُ هذا البحرِ من شوقٍ تَجَسَّدْ.
أبرقَ الغيمُ الذي في وهجِ مشكاتي...
تَدَّلى... ثمَّ أرعدْ.
وأَنا أَنظرُ للموجةِ، حيث الطحلُبُ الأخضرُ...
خصرَ الماءِ في رقصٍ تَزَنّدْ.
أيُّ موسيقى على ظهرِ شراعٍ...
أَعملتْ أظفارَها في مسمعِي...
إِذْ كلُّ ماضيَّ الموسيقيُّ بأنواعٍ المقاماتِ تمرَّدْ.
سَحَبَ " الرصدُ" السكاكينَ وفي قلبيَ سَدَّدْ.
"وبياتٌ" جَنَّدَ التَذكارَ ضدي...
آهِ كم يذبحُ تَذكارٌ مُجنَّدْ.
ذُبتُ كالآهاتِ...
غَنَّاها " برأسِ التينِ " حَسُّونٌ ... وَغَرَّدْ.
عرفتني " ساحةُ المنشيّةِ " الصرحُ الذي يوماً على أدراجهِ....
قد زارني " شوقي " أبو الشعرِ....
وأهدانِي وريقاتٍ من النعناعِ...
فيها بعضُ تطريزٍ من الليمونِ...
شُمّوا شِعريَ المسكونَ بالإبداعِ...
شوقي فيه بالنعناعَ والليمونِ ... جَدَّدْ.
" وفنارٌ" أغمضَ الجفنَ قليلاً...
ثم بالسبّابةِ اليمنى مشيراً باتجاهي...:
قد تذكرتُ، تذكرتُ ...
أأنتَ العاشقُ المجنونُ... عُدتَ الآنَ فادخلْ يا محمّدْ.
كانتْ الأحجارُ عندَ السورِ....
عند المدخلِ الشرقيِّ للميناءِ ترنولي...
وبعضُ النقشِ قد لاحظتُ قلباً بينَ جنبيهِ...
رآني من بعيدٍ ... دَقَّ أَزْيدْ.
نزلتْ من عرشهِا الأضواءُ تمشي...
"والبصيريُّ" بقلب الساحةِ الكبرى...
ويتلو "بردةُ الحبِّ"....
وشِعري عنده جاثٍ...
وفي صمتٍ تَشهَّدْ.
إنهُ الثغرُ....
فَقبِّلْ يا فؤادي حيثما شئتَ....
فدادينَ شِفاهٍ وَلَماها فاضَ عَسجدْ.
إنَهُ الثغرُ الذي عَلَّمكَ النبضَ...
وغذِّى ببريقِ الوجدِ شريانَ الشرايينِ ... وأوقدْ.
إنّه الثغرُ الذي غَرَّق أسماكاً...
ويطلي بالدهاناتِ هواءً.
بلْ ويهدي الضوءَ نظاراتِ شمسٍ....
صُنِّعتْ في الشارعِ الخلفيِّ للميناءِ من غيمٍ مُبرَّدْ.
غَمَزَتْ لي نَقشَةُ الحِنَّاءِ...
في "زنقةِ سِتَاتٍ"....
فقامتْ نكهةُُ البحرِ تغني...
وإذا "سيّدُ درويشٍ" بكومِ الدّكةِ" الحسناءِ...
عند الفجرِ للحلوةٍ ... أنشدْ.
أجهشَ الأسفلتُ،
أقدامي على رِفقٍ تَحطُّ الخطوَ...
تخشى....
إن هذا الشارع المرصوفَ بالأحداقِ...
من أَتُّونِ آهاتي دموعاً قد تمهَّدْ.
كنتُ أمشي فيهِ مبهوراً...
كأني في حقولٍ...
أتملى زعفراناً صهوةَ الريحِ توسَّدْ.
أسمعُ الفُلَّ على قوسِ كمانٍ يتثنى...
يصدحُ العطرَ زكيَّاً...
عَلَّها تَخضَلُّ من أمطارِ موسيقاهُ نجماتٌ فَيَسعدْ.
أََيُّهذا الشارعُ الساكنُ كالنقطةِ في نوني...
مقيمٌ، وحناياهُ تموءُ الدفءَ في عمري المشرَّدْ.
جئتكَ اليومَ....
وقدْ مَرَّ زمانٌ....
أتعبَ الدربُ الشماليُّ خيولي بالفتوحاتِ... وأَجَهدْ.
فإذا أَنتَ كما أَنتَ....
مواعيدي التي تُفرِزُ شَهداً....
زغبُ المسكِ، وأعشابٌ من النَّدِّ....
نخيلُ من حنانٍ، عند شباكِ حبيبي، قد تَنضَّدْ.
لم يُغيْركَ الزمانُ الفجُّ....
يا مأَوى العصافِيرِ التي في ريشها كحلٌ....
ويا بيتَ العيونِ الخضرِ، والهُدْبِ المهنَّدْ.
أنت ما زلت كما أنتَ...
عجيبٌُ! ما انمَحتْ عنك شفاهي وعيوني...
وبقايا ضوءِ مصباحٍ مُسهَّدْ.
وإمامٌ شاطبيٌّ...
أخضرُ النبرةِ يتلو:
"والضحى والليلِ" في فنٍّ مُجوَّدْ.
أطلقَ المدَّ كما شاءَ بليلٍ ثمَّ عندَ الصبحِ قَيَّدْ.
مرحباً يا منزلَ الحبِّ
ويا أنشوطةَ الزهرِ التي عُنْقي بإحكامٍ تَقَلَّدْ.
ههنا لهفةُ أضلاعي مشتْ بي وَرَمتنْي...
فتكسرتُ فتافيتَ يواقيتَ على أرضِ حبيبي.
صَدِّقوني ....
لحظةً واحدةً لم أتردَّدْ.
قادني الحبُّ، مشى بي....
في دهاليزَ من الأحلامِ...
غطّانِي بجفنيِهِ وأَوصَدْ.
فسلاماً أيها الحبُّ...
الذي من ربع قرنٍ، أنا من لمسةِ شاماتٍ على خديَّهِ أُولدْ.
وسلاماً أيها البحرُ...
رسولي للعيونِ الخضرِ....
دوماً للأماناتِ كعصفورٍ تَعَهَّدْ.
وسقى الله "أبا قيرٍ" "ورأسَ التينِ" غيثاً...
" وترامَ الرملِ" يسقيه غَمامٌ من عطورٍ ليسَ يَنْفَدْ.
إنَّ قلبي عندكم يا أهلَ هذا الثغرِ....
يُمضي ليلَهُ في جانب البحرِ مضيئاً....
(فَلَقاً) يتلو على الحسّادِ حِرزاً...
كم أغاظَ الحبُّ ... حُسَّدْ.
يشهدُ الإسكندرانيّون أنّي في هواهم شاعرٌ...
والبحرُ يشهدْ.
يكتبُ التاريخُ أني..
أنا "إقليمُ شماليُ" " بإقليمٍ جنوبيٍ" تَوَحَّدْ.
كل عام وأنتم بخير
محمد العاسمي- طالب رائع
- عدد المشاركات : 65
تاريخ التسجيل : 21/01/2009
رد: قدر حبه ولا مفر
ياسلام الله يعطيك العافية يا استاذ
بس في كلمات صعبة شوي
وانت بألف خير
بس في كلمات صعبة شوي
وانت بألف خير
اكليل الورد- طالب ممتاز
- عدد المشاركات : 299
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 20/03/2009
رد: قدر حبه ولا مفر
شكراً إلك إستاذي
وكل عام وأنت بألف خير
وإن شاء الله العيد الأضحى بتكون بعرفة
وكل عام وأنت بألف خير
وإن شاء الله العيد الأضحى بتكون بعرفة
زهرة البنفسج- طالب ممتاز
- عدد المشاركات : 109
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 22/09/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى