مجا نين

إذا رأيتم رجلاً يمشي في الطريق منفوش الشعرشارد النظر قد لبس معطفه على القفا ومشى على غير هدى ...قلتم إنه مجنون وقديكون مجنوناً ولكنه قد يكون فيلسوفاً أوشاعراً أورياضياً....وإذا سمعتم أن رجلاً لا يفرق بين البنطال والقميص ولا بين الجمعة والخميس قلتم إنه مجنون...ولكن أناتول فرانس دعي إلى وليمة يوم الأحد فذهب يوم السبت ولبث ينتظر متعجباً من تأخر الغداء ولبثت ربة الدار متعجبة من هذه الزيارة المفاجئة ثم لم يرض أن يصدق أنه يوم السبت ..فهل كان أناتول نابغة قومه في البلاغة وباقعة العصر مجنوناً؟!وإذا شاهدتم رجلاً يعتزل في كوخ أوينفرد في غار ولا يقبل على الدنيا ولا يكلم الناس قلتم إنه مجنون ولكن الغزالي عاف الدنيا وقداجتمعت له والمجد وقد أقبل عليه والرياسة وقدأتته منقادة تسعى إليه وحبس نفسه في أصل منارة الجامع الأموي فهل كان الإمام الغزالي حجة الإسلام وعلم الأعلام مجنوناً؟!وإذا بلغكم أن إنساناً نسي اسمه قلتم إنه مجنون ولكن الجاحظ نسي كنيته وطفق يسأل عنها حتى جاءه ابن حلال بالبشارة بلقياها فقال له أنت أبو عثمان!فهل كان عبقري الأدب ولسان العرب مجنوناً؟!وأمبيروقد كانت تعرض له مسائل في الطريق فلا يجد قلماً لها وورقاً فحمل معه حواراً فكلما عرضت له مسألة ورأى جداراًأسوداً وقف فخط عليه فرأى مرة عربة سوداء واقفة فبدأ يكتب عليها أرقامه ورموزه وكان منهمكاً مستغرقاً فيها حتى سارت العربة فجعل يعدو خلفها وحواره بيده وهو لايدري ما يصنع!وأمر الله أفندي العالم التركي المشهور صاحب دائرة المعارف التركية وقدكان يركب البحر كل يوم ما بين بيته وعمله فركب يوماً وكان إلى جنبه موظف كبير في السفارة البريطانية وكان في جيبه فستق حلبي وكان أمر الله أفندي مشغول البال فجال بيده وهو لا يشعر فسقطت في جيب البريطاني ووقعت على الفستق فأخرج منه وأكل وظن البريطاني أنه مزاح فسكت ولكن الشيخ عاد وأوغل في الأكل حتى كاد يستنفد الفستق كله وكان الفلك مزدحماً ما فيه مفر للبريطاني من هذه الورطة فأحب أن يتلطف بالشيخ حتى يكف فسأله كيف وجدت الفستق؟ فقال له الشيخ :عال!وعاد إلى تفكيره وأكله فقال له البريطاني:ولكن ليس في جوار الدار مثله أشتريه للأولاد وإذا دخلت عليهم من غيره بكوا قال الشيخ:عجيب!وعادإلى الأكل والتفكير فقال له البريطاني:أفلا تتكرم بإبقاء شيء لهم ؟ فأجابه الشيخ:بلى بكل امتنان وأخرج طائفة من الفستق فدفعها إلى الإنكليزي وأكل الباقي!وقد ولي وزارة المعارف وأعطي عربة فكان كلما بلغت العربة المنزل وفتح لها السائق الباب أخرج نقوده وسأله:كم تريد فيقول السائق:يا سيدي هذه العربة لمعاليك,وقد سألته امرأة مرة وكان يمشي أمام داره :أين دار وزير المعارف يا سيدي؟ فقال لها :ومن هو وزير المعارف الآن؟!...*.أفكان هؤلاء وفيهم كل عبقري علم وكل نابغة إمام أكانواكلهم مجانين؟ أما في رأي العامة فنعم !ذلك لأن القافلة تمشي فمن سايرها عده أهلها عاقلاً ومن تقدم عنها يسلك طريقاً جديداً قد يكون أقرب وآمن عدوه مجنوناً كمن تأخرعنها ليتيه في مجاهل الصحراء لكن ذاك جنون العبقرية وهذا جنون المارستان!* [b]

تحية لك أخي الكريم هيفرون وأهلا وسهلا بك في هذا المنتدى كما أشكرك على روعة هذا الموضوع بكل المقاييس وبصراحة أنا هذا النوع من البشر بيعجبني ....دمت في رعاية الله

مـــــــــــــشــــــــــــــــــــــــكــور على الموضوع

شرفت في المنتدى أخي هيفرون ونتمنى أن تقضي أسعد الأوقات بيننا مشششكور

شكراً لكم جزيلاً ودمتم بحفظ الله ورعايته